الحلقه (1)..”مغتربه داخل قلبه”.
——
دلـــفت داخل حجرتها،بعـد أن صفقــت الباب خلفهـا وقد إحتدمت الدمــاء في عروقهـا ومـال وجهها للحُمره الداكنه،ألقت بحقيبة يدها علي فراشهـا الوثيـر الذي تميز برقتـه ثم جلسـت إليه في مواجهة المرآه التي تتجهـز امامها مُردفه بنبرة ساخطـه،،،
-ألهمنــي الصبر يا الله..فقد طفـح الكيل بي،مـا هذا كُله..أدمية والدي انا؟!.يوجهني حيث يشـاء،،
حقًا أصبح الأمـر مبالغ به..أمـرني بأن التحق بكلية لا أُريدها فقط لأكون علي نمط وظيفته المُبجلـه وقبلت انا هذا..يتخـد قرارت حياتي جميعها واوافقـه مُجبره علي ذلك لكونه والدي ولا يجب إحزانه ولكن كفـي،،
لن أقـود هذا الوفد السياحي في جولاتـهِ داخل مِصر مهما كلفني الأمـر..حـان الوقت لأثـور مُعترضـه..شاهد ذلك يا أبي فعاصفتي لن تهدأ ولن أخاف هذه المـره.
“إسلام ،فتـاة في الخامسه والعشرين من عُمرها إلتحقـت بكُليه الإرشـاد السياحي برغبه من والدها الذي يمتلك أكبر شركـات السياحـه علي الصعيد الدولـي،،
ويري أن عملها معه يجعلها نصب أعينـه وبهذا تخف حدة قلقه عليها..تتميـز بجمالها الهاديء..فتاة أكثر عقلانيه وكذلك تتميز بمرحها خارج بؤره عملها،ترتـدي حجابًا راقيًا،،
تتميز بطابعها الدينـي وسلوكياتها الخلوقه بالجميع،،
فهي تعلم تمام المعرفه،بأنه قلما تتواجـد مُرشدات متحجبات ولكنها دخلت إلي هذا العالم بترحيبٍ عظيمٍ،فهي ابنة ضاهر الناصفـي من أكبر رموز دعم السياحه بمصر”
تنهـــدت بضيقٍ وبدأت في نـزع حجابها بعصبيه مفرطه ووجه عبــوس،،ليستوقفهـا طرقات خفيفـه علي بابها لتهتف بنبرة هادئه،،
-ادخل!
أطلت تلك السيده التي قاربت علي إنتهاء الخمسينيات بوجهها البشوش تتزين بحجابها المنمق،ثم جلست إلي جانبها مردده بنبرة حنونه،،
-أمازلتِ غاضبه يا حبيبتي!!
ثارت ثائرتها إينذاك،،وقد إئتكل داخلها..قامت بإبعاد خُصلات شعرها التي إنسابت علي جبهتها ما أن نزعت الحجاب عنهـا لتُردد بوجه ممتعض،،
-ألا يحق لـي أن أغضب يا أمـي..من البدايه كان لا يجب أن أتركـه يتخذ قرارات حياتي والآن يُكرهني علي أن أقتـاد الوفد السياحي هذا..إنه وفـد يتضمن سائحين يهود..وإنكِ لتعلمين تمام المعرفه،،نفوري منهم ..لا أرغب بالعمل مع هذا الوفد فـ لماذا يُرغمني هو علي ذلك ولماذا إختارني انا.
تفهمــت السيده فاطمـه سبب غضبها الشديد ذاك لتبتسـم لها في هـدوء وبعدها تُسارع بإحتضانها قائله بحنـو أمومـي،،
-تعلمين جيدًا يا سكرة حياتي..اننا قضينـا أكثر من عشرين عامًا ندعو الله بأن يٙمن علينا بطفل،،لٙم أيأس أبدًا فكُنت اعلم بأنه عز وجل سيطيب خاطري برؤيه قطعه منـي يومًا ما..فها قد أتيتي بعد مُعاناة ودموع دامت لسنـوات..هكذا يفعل المـرء..فقد منحه الله رخصه سهله للتحكم في قدره كـ الدعاء والذي بكثرته يُغير قضاء المـرء لما يتمناه وكذلك حُسن الظن به عز وجل،،،
وأنتِ تعلمين تمام العلـم بأن الله أمـرنا بإحترام كافه الأديان السماوية.. والتسامح من سمـات المسلم التقي،،فلماذا تتخذين نزعه سلبيه تجاه هذا الوفـد لمجرد إعتناقهم لديانه مخالفه لإيمانك.
هــدأت إسلام قليلًا وخفت حدة ثورتها..كاسفه الوجه لا يهدأ بالها وهنا تابعت بحُزن،،،
-لا أحب اليهود فحسب..هم مُحرفـون..كاذبون..أكرههم.
السيده فاطمه بإستكمال:أنسيتِ قوله تعالى “لكم دينكم ولي دينِ”
تشنجت فرائصها وهي تبتعد عن والدتها قليلًا ومن ثم تابعت بنبرة مختنقه،،،
-لٙم أنس أبدًا ولن أنسي..ولكنني لا اطيق مُعاملتهم..فـ اليهوديه في حقيقتها إيمان بالواحد الأحد الصمـد الذي لا شريك له..اعلم انه دين يقوم علي التسامح والإيمان بالديانات التي تبعته ولكن ما اقوله كان في الزمن القديم مُنذ ظهوره،، أمـا الآن فهو تحريف..إفتـراء..قاتلـون ،، لعنه الله عليهم.
تابعت السيده فاطمه بهدوء:ولكن تعاملك معهم في إطـار العمل فحسب..لا داعي لكُل هذا التهويل يا سكرة حياتي..وهيا استعـدي ،فـ أبيكِ شارف علي الوصول..وتعلمين عادته الذي لا يتغاضي عنها في جمعنا حوله أثناء الطعام.
تجهمــت معالم وجهها وهي تـتراجع بجسدها للخلـف حتي لامست الفراش بجسدها وهي تُردد في إنهـاك،،،
-اعلم..ولكنني لن أصمُت علي هذا القرار،،فقد إتخذته حيث لا رجعه.
نهضــت السيده فاطمه عن الفراش ثم رددت بنبرة مرحه وهي تتجه صوب باب الحجره،،،
-إثبتـي علي حديثكِ هذا إذن ،لحين رؤيه والدك.
رمـقتها إسلام بنظـرة تحدي قائله:أتسخرين مني يا أمـي.
الام بنفي:بلي يا ابنتـي..فلقد تعودت على مجاكرتك فحسب..غيري ملابسك ،نحن بالإنتظــار.
إنتصــبت واقفـة مُجددًا وهي تتجه صوب المرحـاض تشوط بقدمها الهـواء بحُزنِ طفولي قائله،،
-فـ لأتوضأ..وأوأدي فرائضي..وإلا تلتف ذنوبي حول عنقي لتخنقني..يكفي الذنوب التي سألقاها بمجرد مقابلة ذاك الوفد..صلي يا فتاة..وربكِ للمنكسرين جابــر.
———
-أجل..أجل..أتفهمك ..نعم وهو كذلك..نلتقي في القريب العاجل بإذن الله.
أنهـي إتصاله ثم دلــف صوب الغرفه الخاصه بتناول الطعام،،
رجل في التاسعه والخمسين من عمره..تتزين محياه بإبيضاض الشعر وكذلك يمتلك لحية بيضـاء..قد يبدو صارم الوجه ولكن لا يٙكنّ لزوجته وابنته الوحيدة سوي كُل خير…
جلس إلي مقعــده الذي يتوسط الطاوله الكبيـرة ثم ردد بنبرة هادئه موجهًا حديثه لزوجته،،
-أين مشاكستنا الصغيره!!!
تابعت حديثها إليه بنبرة هادئه وهي تضع كلتا ذراعيها امامها مستنـده علي سطح الطاوله،،،
-لماذا تُصر علي هذا الأمر يا ضاهـر..فالمرشـدون كثيرون..وأنت تعلم جيدًا..طابعها الديني الذي يجعلها لا ترتضي التعامل مع أي رجل..لما لا تحترم قرارها وانت تعلم جيدًا إنها علي حـق!!.
أومــأ ضاهر برأسه في تفهم ،،لـ يبتسم لها في ثبات قائلًا،،
-السائحـون هذه المـره..ذوي ثراء فاحش..وهذا جيد لإنتعاش الشركه الخاصه بنا وبمجرد رضاهم عن الجوله المؤقته هذه..يعد إنجازًا هامًا في حق شركتنا وسمعتها التي تتناقلها الدول..وانا لا أريد أن أكابد الخساره لمجرد انها لاتفهمني،،،
إسلام لديها ثقافه واسعـه وخبره إطلاعيه عن جميع الأديان ،كما أنها لا تتواني في عملها ولا تُقصر في نقل المعلومات الصحيحة عن تراثنا العريق…سيفرح الوفد كثيرًا من اسلوبها الجذاب والشيق..وهذا سيعود بالإيجــاب علينا..اريدها أن تفهم أنه في إطار العمل فحسب..ولقد وهبنا الله عقلًا ..وترك الدين له..فما الذي يُغضبها في ذلك.
تابعــت وهي تدلف داخل الغرفه بوجه عبوس ونبرة متضايقه،،،
-نعم..كما قُلت يا أبي..إنه في إطــار العمل..وسأحترم قرارك فإن حـدث وتمادوا بمعتقداتهم الغريبه لن أصمت أبدًا وهذا لن يُعجبك أيضًا..اُصافحهم ويقتلون اخوتي بفلسطيـن!!
زفـــر السيد ضاهر زفرة قويه،ليُردد وهو يلتقـط أدوات الطعام،،،
-اهدأي قليلًا يا صغيرتي…انا فقط أريدكِ أن تحققي نجاحًا كالذي وصل إليه والدك في السابق..فالسياحه لا تعرف بالسياسه ولا حتي الدين..فتجدين مسلمًا يزور إحدي الكنائس الأثرية..ومسيحيًا يزور مسجدًا ويطلع علي ثقافه المسلم..إنه تراث يجمعنا كُلنا أكثر من كونه يرتبط بالدين.
إسلام بوجه عبوس:سأحقق كُل ما تريده يا أبي لا تقلق مُطلقًا.
———-
{يومًا جديدًا..تسطُع الشمس ،بعد ليل مُأرق بالنسبه لها..لا تعلم حُكم تعاملها مع يهودي في إطار العمل،،،
ليتبادر إلي ذهنها قصه الرسول حين كان يتقبل إهانه يهودي بصدر رحب عندما يُلقي القمامة امام بيتـه وكثيرًا من الإستشهادات التي جعلتها تُردد بنبرة هادئه وهي تزيح الغطاء عنها،،،
-إذًا فليكُن في إطـار العمل..وما شأني بهم..سأتحمل خُزعبلاتهم الزائده عن القدرات الإستيعابيه للبشـر،،طالما لا أتأثر بهم ولا يضروني..فيجب أن أقتدي برسولي حين كان يرد الإساءه بالحُسني والكفر بالإيمـان.
همّـت واقفه عن الفراش لتجـد هاتفها يُعلن عن إتصالًا في الصبـاح الباكـر..إلتقطته بين كفيها في تثاقُل ثم أجابت بنبرة مـرحه،،
-قطـة البامبي ..كيف حالك يا جـودي!!!
جودي بحنو:بخير يا مشاكستي..كيف حالك أنتِ..أهدأتي قليلًا عن ليلة أمـس.
إسلام بتنهيدة إستسلام:ليس قليلًا ولكن لا بأس.
جـودي بتفهم:إذًا..أتمني لكي عملًا موفقًا حبيبتي.
إسلام بنبرة سريعه:أنلتقي مسـاء اليوم!!
جـودي بتأييد:لما لا..لنلتقي إذًا.
بــاشرت إسلام إرتـداء ملابسها علي عجالة من أمــرها..حيث إرتـدت جلبابًا واسعًا من اللون الزيتونـي واضعه حجابها الرقيق باللـون الرمــادي،،،
إتجهــت صــوب باب الغرفه وما أن وضعت يدها علي مقبض الباب حتي توقفـت فجأه مُردده بنبرة مخضوضه،،،
-أصليت الضُحـي؟!..نعم صليتيه يا فتاة..أصابكِ الزهايمر في سن مُبكره،،،
ثم إستئنفــــت حديثها بإبتسامة مُغتاظـه،،،
-لا يوجـد زهايمر برأسي تلك..بل يوجد أبي الذي افقدني عقلي نهائيًا..كُل الناس لديهم أمراض تنتهـي بمضادات حيويه وجرعه حبوب مكثفـه..إلا انا لدي أب لا يخف من تحكماتهِ ولا حتي بقُبله مني..كـ رشوة…هذا الرجل بات يُزعجني.
في تلك اللحظة تجذفـت في السير خارج الغرفه هابطـه الدرج لتلتقيها والدتها في نهايته مُردده بنبرة حنونه،،
-صباحـكِ مُفعم بالأمل يا سكرة حياتي.
بادرت إسلام بإحتضانها في حُب جــارف ثم رددت بنبرة ودوده،،
-صباحي إنتِ يا أُمي.
السيده فاطمه برفق:لا تُحزني نفسك دون داعي..تكيفي ..هكذا تتطلب ظروف عملك.
تابعت إسلام وهي تتجه صوب باب الڤيلا،،
-كيف أتكيف إذًا..فـ أنا كالقنفد وسط مجموعه من البالونات الممتلئة بالهواء..وآمل أن افرقعهم جميعًا وليرحلون قبل هذا الأسبوع الطويل..فـأنا الآن أمـر بأسوء مـرحله بحياتي..إلي الجهـــاد.
ظلـت تنفس غضبها في كلماتها التي أثارت ضحكات والدتها حتي بعدما خرجت من الباب بينما إبتسمت والدتها في خفوت قائله،،،
-ثرثـاره.
——
وصـــل الوفـد حيث الفندق السياحي الخــاص بوالدها ولظروف خاصه بحياتهم..إمتنع الكثير منهم عن المجيء..فلم يأت سوي شابًا بصُحبه رفيقتـه،،،
هذا الوقت من العـام يوافق عيد الفصح،،فـ تستقبل مصر عدد من الوافدين اليهود من جميع انحاء العالم عبر معبر طابا البري..مُتجهين حيث سيناء وطول سواحـلها وكذلك شرم الشيخ..وأكثر الوفود يأتون إلي محافظـه البحيره للإحتفال بمولد ابو حصيرة..ولكن هذا الوفـد يأتي لزياره الاماكن الأثرية بمصر..لا يقتصــرون فقط علي الأماكـن الأثـريه اليهوديه،،
جـــاءت في لباسٍ فيه تجوُد وأناقة ُ وأخـذت تجــوب ببصرها المكان حتي أتاها العامل بالفندق مُرددًا بإحترام،،،،
-أهلًا سيدتي..الوفد بإنتظـــارك في صالـه الإستقبال بالفندق…حيث الطاوله رقم سبعه.
رمقتـــهُ إسلام بهــدوء ثم أومأت برأسها في تفهم قائله،،
-لألتقي بهم ..إذًا
إستئنـفت سيرهـا مُجددًا حتي دلفـت داخل هذه الصاله المُزينـه بالنقوش الذهبيه بين الكريستال الراقي والزاهـي،،،
جـــابت ببصرها المكان لتجد شخصين يجلســان لا أكثر وهنا قطبت حاجبيها في إستغراب ثم تجذفـت في سيرها حتي رددت بالإنجليزيه ،بنبرة هادئه،،،
-أهلًا بكم..معكم إسلام ضـاهر..المُرافقـه لكم في الجوله.
بادرها الشــاب بإبتسامة هادئه وهو يمـد يده لها قائلًا باللغـة العربيه،،،
-معكِ…جوزيف ألبرت..من الولايات المتحدة الأمريكية.
تجهــم وجهها قليلًا وهي تنظُر إلي يده الممدودة إليها ثم تنحنحـت قليلًا مُردفة بثبـات،،،
-أهلًا بك.. ولكن عذرًا منك..فأنا لا أُصافح الرجال..فكما تري أنا مُسلمـة…وهكذا تحثني تعاليم ديني.
أبعــد الشــاب يده عنها مُرددًا بنبرة بارده،،
-لا عليك.
بينمــا رمقتها الفتاة الجالسة قبالته نظـرات حاده ثم أمدت هي الأُخري يدها قائلـه بجمود،،،
-هلا صافحتني!!..أو أنكِ لا تُصافحين النساء أيضًا….!!!!
رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه الفصل 26